كما يقال “لكل زمان رجاله ودولته“، ولكل عصر خصائصه في كل الميادين الحياتية، وبرهان ذلك التميز، الآيات والمعجزات التي يمنحها الله لرسله وأنبيائه فمعجزة موسى عليه السلام تختلف عن آيات عيسى عليه السلام، والدلائل النبوة المحمدية صلى الله عليه وسلم مخالف لهم؛ والسبب اختلافات البيئة الاجتماعية وطبيعة الأمصار عبر الاعصار، ويلزم من ذلك معرفة المرء المعطيات التكوينية لكل مجتمع بمكانه وزمانه، ومن السمات التربوية والفروق الواقعية أن لكل جيل وطبقة ما يتناسب معها حسب المعطيات الموجودة في كل فترة زمنية وعلى سبيل المثال الفرق التربوي بين جيلك اليوم وعيالك ستلاحظ أن من الخصائص النفسية لجيل ما قبل تقنية الانترنت والفضاء الافتراضي (الواقعية التسليمية والطاعة التعظيمية) لكل شيء في المتجمع، وتجد ما يتناسب من المعطيات لذلك وكان من أفضل الطرق في التأثير بهم الايمانيات ومراعة الأدب والمروءة، ومن الخصائص النفسية لجيل ما بعد تقنية النت والفضاء الافتراضي الشك والهشاشة والجدلية، وأكبر سبل التأثير الكوني الايجابي فيهم، بالمنطلق العقلي الحواري والمنطق العاطفي العذب، المثمر تقبلهم لنا وتأثرهم فينا وتقبلنا لهم والتأثير فيهم؛ فالحوار بصفة تأثيرية ذات مفعول كبير وقد بينت شيئا من مدى أهميته في المادة الرائدة (بناء الفكر وترقية العقل)، والحوار التربوي في واقعنا اليوم من أعظم الأسس لبناء أجيال واعدة وواعية، وقد وضع الله منهجه من خلال التطبيق العملي في قصص الأنبياء والصالحين كما هو مسطور في القرآن كنوح عليه والسلام وابنه وإبراهيم عليه السلام مع ابنه ويعقوب عليه السلام مع بنيه ولقمان رضي الله عنه مع ولده، وقد بينت بالتفصيل المتعلقات التربوية فيهم في المادة الفريدة (طفولة الأنبياء وتربيتهم لأطفالهم)، فعلى كل من يريد السير بسلم التأثير التربوي، والرقي بدرج الفلاح التربوي فليربط وينط رحله في الأسلوب الحواري فهو كثير الفوائد جليل العوائد؛ كله حسن ولا يأتي إلا بالأحسن إن حُرِص وأتقن وروعي بآدابه المرعية وأخلاقه الشرعية من أهمها طول البال وأدب الحال وغيرهما من أساليب النجاح مع المحاور وكل ذلك تجده بحوارات الرسل مع أقوامهم، ومن باب نقل التجارب وتبادل الخبرات فهذه مادة ماتعة بها نماذج لقصص حوارية لاستشارات تربوية.