عنوان المقال مأخوذ من برنامج وذكرهم الذي بث عبر قناة الفجيرة تقديم المبدع فيصل بن سويد والذي استضاف فيه الأستاذ عبدالقادر عجال ودار الحديث حول موضوع مهم يقود نحو بناء حياة زوجية مستقرة، ولجمال ما سمعت أحببت المشاركة في نقل الفائدة فالعلم المكتوب يبقى أثره أكثر من المنظور أو المسموع دون تقييد وقد قيل:
العلم صيد والكتابة قيده قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة وتتركها بين الخلائق طالقة
الفوائد:
1- هل الحديث عن هذا الموضوع بهذه الأهمية بحيث تقام البرامج حوله؟
قيمة أي موضوع وأهميته ترجع إلى الأثر المترتب عليه، فالدنيا قائمة على الزوجين، ومن خلال الزوجين يحصل الانجاب وإيجاد الأبناء الذي هم أساس المجتمع وقوته قال تعالى{ وَلَهُنَّ مِثلُ ٱلَّذِي عَلَيهِنَّ بِٱلمَعرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } فقد ذكر الله العلاقة الزوجية في كتابه العظيم وهذا دليل على أهمية الموضوع.
وتأمل ما جاء في السنة يقول عمر بن الخطاب : كَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا. فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ. وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ؛ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا. فَنَزَلَ صَاحِبِي. ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي. ثُمَّ نَادَانِي. فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ. فقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَاذَا؟ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا. بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ. طَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا. حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي. ثُمَّ نَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي. فَقُلْتُ: أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقَالَت: لَا أَدْرِي. هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ. فَأَتَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ. فقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَجَلَسْتُ. فَإِذَا عَنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ.
فالصحابة عندهم طلا ق النبي ﷺ أعظم من غزو المدينة وذهاب أرواحهم، فعدم استقرار بيت النبي ﷺ يعني عدم استقرار المدينة، فاستقرار الأسر هو استقرار للبلد.
فمن يرى أن الحديث عن الأسرة ورُكناها وهما الزوجان من ترف القول فهذا يعني أن الحديث عن استقرار المجتمع يكون من باب فضول العمل، وترف الحديث.
- من مؤشرات السعادة الزوجية تحقيق الأبوة والأمومة وقد بين النبي ﷺ مؤشرات تدل على الحياة الزوجية المستقرة من هذه المؤشرات: {مِنْ سعادَةِ ابنِ آدمَ ثلاثَةٌ ومِنْ شِقْوَةِ ابنِ آدَمَ ثلاثةٌ مِنْ سعادَةِ ابنِ آدَمَ المرأةُ الصالحةُ والمسْكَنُ الصالحُ والمركبُ الصالحُ ومن شِقْوَةِ ابنِ آدَمَ المرأةُ السوءُ والمسكنُ السوءُ والمركبُ السوءُ} وهذا يدلك على أن من أسباب السعادة زوجتك الصالحة.
- الحكم على الشيء فرع عن تصوره ولا شك ان الأفكار الدخيلة تؤثر على الفرد وعلى حياته الزوجية وبالتالي يتأثر المجتمع نتيجة تأثر الأسر بهذه الأفكار.
- لو تأملنا سباق المرثون له نقطة بداية ونقطة نهاية ومسار خاص للسباق يسير عليه المتسابقون ولابد من جاهزية المتسابق البدنية والذهنية لدخول هذا المارثون من أجل الفوز، وكذلك الحياة الزوجية لها نقطة بداية وهي الخطبة {وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُم فِيمَا عَرَّضتُم بِهِۦ مِن خِطبَةِ ٱلنِّسَآءِ} ونقطة نهاية بأحد الأجلين الموت أو الطلاق فهل يعقل أن الشرع لم يبين لنا تفاصيل هذه العلاقة المهمة وكيف يصل الزوجان إلى السعادة الزوجية.
2- ماهي معايير الخطبة؟
- المعيار الشرعي: { إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه ، فزَوِّجُوه} ، {تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ ، تَرِبَتْ يَداكَ}
- معيار التكافئ الاجتماعي: { تَزوَّجوا الوَدودَ الوَلودَ} ويعرف هذا بالنظر إلى أهلها
- معيار التكافئ النفسي: { اذهبْ فانظرْ إليها فإنَّه أحْرى أنْ يؤدمَ بينكُما}
3- هل يكفي الجلوس أو النظرة الشرعية لمرة واحدة فقط؟
الزمن تبدل فلابد من الجلوس أكثر من مرة في الخطبة لمعرفة أفكار الطرفين ومدى التوافق بينهما والوقوف على شيء من الأخلاق الظاهرة، وهنا قد تشعر البنت بالحياء فيناقش الأخ أو الأب الخاطب أمام البنت لتسمع وترى بنفسها.
4- ماهي الأسئلة التي تطرح؟
مثل متى وقت صلاة الفجر؟ ماذا لو تدخل الاهل بيننا كيف نتصرف؟ لو تعارض الأمر بيني وبين أبيك من تطيعين؟ يبين لها شيء من شخصيته كونه عصبي مثلاً، تأمل كيف كانت أم سلمة تبين من طبعها وماهي التحديات التي تتوقعها وتظن أنها تعيق الحياة الزوجية {قالَتْ أم سلمة رضي الله عنها : أرْسَلَ إلَيَّ رَسولُ اللهِ ﷺ حاطِبَ بنَ أبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي له، فَقُلتُ: إنَّ لي بنْتًا، وأنا غَيُورٌ، فقالَ: أمَّا ابْنَتُها فَنَدْعُو اللَّهَ أنْ يُغْنِيَها عَنْها، وأَدْعُو اللَّهَ أنْ يَذْهَبَ بالغَيْرَةِ.}
5- خلال الفترة من عقد القران إلى يوم العرس وهي فترة المكلة ماهي النصيحة المقدمة للزوجين؟
لابد أن يُعلم أن اختلاف البيئات و الأعراف أمر معتبر، وهذه الفترة فترة إظهار حقيقة الشخصية لا فترة تكلف و استنزاف عاطفي، ومن الخطأ في هذه المرحلة إظهار المبالغة في الشخصية {عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ} تأمل قول النبي ﷺ في هذا الفعل والحياة الزوجية قائمة ، فالمتشبع بما لم يعطى خلال فترة الملكة حاله أشد.
6- كم هي المدة المعقولة لفترة الملكة؟
من 6 إلى 7 أشهر تعتبر فترة معتدلة
7- هل ينصح بسكن الرجل مع أهله أم الأفضل أن يستقل بالسكن؟
الإجمال فيه إهمال والناس تختلف بحسب ظروفها، ولا شك أن الأصل هو الاستقلال و الانفصال عن الأسرة {أَسكِنُوهُنَّ مِن حَيثُ سَكَنتُم مِّن وُجدِكُم} فيرتاح من التدخلات ويريح أهله، ومن الخطأ ما يقوم به البعض من الضغط على الأبناء من أجل السكن في بيت العائلة وعدم الخروج، والاستقلال بالسكن يجعل الزوج يتحمل مسؤولية بيته بدلاً من الاتكالية على والديه حيث أن بيت العائلة قائم على والداه.
إلا أن ظروف الناس تختلف فقد يكون لبعضهم السكن مع العائلة هو الأفضل له.
8- بعض البيوت تحصل فيها الغيرة من الأم تجاه زوجة الابن فما العمل؟
ليعلم أن الغيرة موجودة في الانسان منذ طفولته ألا ترى غيرة الطفل من أخيه الرضيع، ولكن على الانسان أن يضبط سلوكه ويعرف كيف يتصرف فلا يظلم زوجته ولا يعق أمه.
9- ماهي احتياجات الزوجة؟
هذه الاحتياجات لو فعلها الزوج فإنه لا يكسب قلب زوجته بل سيملكها وهي كالتالي:
- أ- احتياجات مادية: وهي ما نسميها النفقة: المأكل و المشرب والمسكن والملبس…الخ
- ب- فهم النفسيات: كما جاء في حديث أم زرع حيث أنها لم تنسى زوجها أبوزرع بعد فراقه فتقول: زَوْجِي أبو زَرْعٍ، وما أبو زَرْعٍ؟! أنَاسَ مِن حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، ومَلَأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إلَيَّ نَفْسِي، وجَدَنِي في أهْلِ غُنَيْمَةٍ بشِقٍّ، فَجَعَلَنِي في أهْلِ صَهِيلٍ وأَطِيطٍ، ودَائِسٍ ومُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أقُولُ فلا أُقَبَّحُ، وأَرْقُدُ فأتَصَبَّحُ، وأَشْرَبُ فأتَقَنَّحُ، أُمُّ أبِي زَرْعٍ، فَما أُمُّ أبِي زَرْعٍ؟! عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابنُ أبِي زَرْعٍ، فَما ابنُ أبِي زَرْعٍ؟! مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، ويُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ، بنْتُ أبِي زَرْعٍ، فَما بنْتُ أبِي زَرْعٍ؟! طَوْعُ أبِيهَا، وطَوْعُ أُمِّهَا، ومِلْءُ كِسَائِهَا، وغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أبِي زَرْعٍ، فَما جَارِيَةُ أبِي زَرْعٍ؟! لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، ولَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، ولَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قالَتْ: خَرَجَ أبو زَرْعٍ والأوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً معهَا ولَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِن تَحْتِ خَصْرِهَا برُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي ونَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وأَخَذَ خَطِّيًّا، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وأَعْطَانِي مِن كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وقالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ ومِيرِي أهْلَكِ، قالَتْ: فلوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أعْطَانِيهِ، ما بَلَغَ أصْغَرَ آنِيَةِ أبِي زَرْعٍ وفهم النفسيات يشمل أربع أمور:
- الشعور بالأمان: { المسلِمُ من سلمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ ، والمؤمنُ من أمنَهُ النَّاسُ} فلا يسب و لا يهين و لا يخون و لا يهدد بالزواج من الثانية ولوكان يمزح لأنه لا يجوز المزح بالايذاء.
- الاهتمام: كأن يهتم بها حين تمرض ويتفقدها.
- الحنان: يكون بينهم مودة ورحمة.
- السماع: ويقصد به الإسماع والاستماع، فالاستماع إليها ولحديثها وتأمل حديث أم زرع الطويل كيف سردته أمنا عائشة للنبي ﷺ وهو يستمع، والحديث عبارة عن جلسة نسائية إلا أنه استمع واستثمر الجلسة معها بما يقوي العلاقة الزوجية فقال لها في آخر الحديث {يا عائشةُ كنْتُ لكِ كأبي زَرْعٍ لأمِّ زَرْعٍ إلَّا أنَّ أبا زَرْعٍ طلَّق وأنا لا أُطَلِّقُ} وهذه هو الإسماع أي تسمع من زوجها أطيب الكلام.
- من أراد السعادة الزوجية فعليه باتباع السنة النبوية.
- الزوج يصحب زوجته وتأمل كلمة يصحب
ص= صدق
ح = حب
ب= بذل
10- ماذا تفعل الزوجة إذا كان الزوج خلاف ما تريد وتتمنى؟
قال النبي ﷺ {قد أفلح من أسلَم و رُزِقَ كفافًا ، و قَنَّعَه اللهُ بما آتاه} من لم يُسعد نفسه فلن يَسعد بغيره، وعلى هذه الزوجة أن تكون قنوعة فتنظر إلى الصور المختلفة لعطاء الزوج لأن من الرجال من يعطي بالقول ومنهم من يعطي بالفعل ومنهم من يعطي بالقول والفعل.
فإذا كان زوجك فرعون فكوني آسيا وتأمل كيف تعاملت هذه الزوجة الصالحة مع أقسى قلب زوج مر على تاريخ البشرية {وَنَجِّنِي مِن فِرعَونَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلقَومِ ٱلظَّٰلِمِينَ} فكأنها فرقت بين زوجها وعمله، وبين زوجها الظالم وقومه الظالمين.
وهنا سؤال مهم من الأقوى الرجل أو المرأة؟
الرجل بطبعه يشبه الصخر، والمرأة بطبعها تشبه الماء، والماء يفتت الصخر ويؤثر فيه رغم نعومته، فالقوة الأنثوية أقوى في التأثير من القوة الذكورية، فالمرأة التي وصلت الفضاء وقادة السيارات والطائرات وروضت الوحوش
والسباع أليست بقادرة على التأثير على الرجل الذي خُلق وهو يميل إليها ومن تأمل في قصة نبي الله يوسف عليه السلام الذي أعرض عن مواجهة النساء { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدعُونَنِيٓ إِلَيهِۖ وَإِلَّا تَصرِف عَنِّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلجَٰهِلِينَ}
ونقول للزوجة لا تسارعي بالشكوى إلى والديك فتدخلين الحزن على قلوبهم بل إذا احتجتي إلى تدخل أحد من الأهل فأدخلي والد زوجك وأمه فهم أولى بحمل مشاكل ابنهم لا والديك، وإصلاح الزوج يكون بالصبر و القناعة والتغافل و التسامح.
وللأسف كم من زوجة تبذل السبب وتنسى مسبب الأسباب {قَد سَمِعَ ٱللَّهُ قَولَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوجِهَا وَتَشتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ} أين هي من رفع اليدين إلى الله والانكسار بين يدي الرحمن والدعاء بخشوع وخشية وترقب لأوقات الإجابة.
11- بماذا تنصح الزوجة التي رفعت سقف التوقعات؟
أولاً لا بد أن نكون منصفين وأن رفع سقف التوقعات من الصفات البشرية وليست خاصة بالمرأة ، وأن الزوج ليس بملاك وإنما هو رزق ساقه الله إلى هذه الزوجة فقد يكون فوق أو مساوي للمتوقع وهذه نعمة تحتاج لشكر المنعم وقد يكون دون المتوقع فعليها أن تعلم أنها في دار اختبار وابتلاء فإن كان الزوج ممن يمكن الحياة معه فعليها أن تبذل الجهد في الحفاظ على العلاقة الزوجية فجمال الحياة أن تنجز مع أنك لم تعطى ما يعينك على الإنجاز وهنا نقول لهذه الزوجة توقع اللامتوقع هو سر السلامة فلو وضعت كل الاحتمالات وهيأت نفسها ستستطيع التكيف خاصة إن أحسنت طلباً لرضا الله {إِن أَحسَنتُم أَحسَنتُم لِأَنفُسِكُمۖ وَإِن أَسَأتُم فَلَهَاۚ} ويروى عن أمير المؤمنين أنه قال : “أنا لم أُسِئ لأحد ، ولم أُحسِن لأحد” فقال بعض الحاضرين باستغراب : يا أمير المؤمنين : أنت لم تُسئ لأحدٍ هذه نعرفها وكلنا نشهد عليها ، أما أنك لم تُحسِن لأحدٍ فكيف ذلك ونحن وكلّ من في المدينة نعيش من فضل الله ثم فضلك علينا .. فرد عليه فقال: فوالله إن أحسنتُ فما أحسنتُ إلّا لنفسي. لذلك نقول دوما إحسانك لمن؟
ولتعلم الزوجة أن زوجك قد يكون سبب دخولك للجنة فإن أحسنت الزوجة أُجرت و إن قصرت أثمت.
ولهذا فالتحذر المرأة من سماع تلك الأصوات النشاز التي تصف المرأة وتصورها بأنها ضعيفة ولاتقوى وماهي إلا ضحية، لأن المرأة القوية هي التي تستطيع أن تحافظ على حياتها الزوجية بما يرضي ربها ، أما إذا كان الزوج مقصر في دوره ولا يقوم بالمطلوب منه شرعاً فهذا موضوع آخر.
12- البعض يستعجل بالطلاق في 8 أو 6 شهور فما هي النصيحة المقدمة له؟
مدة تقييم الحياة الزوجية قد تصل إلى 8 سنوات حتى يتعرف الزوجان على بعضهما البعض جيداً، والطلاق عبادة شرعية شرعها الله في كتابه العزيز فمن طلق في غير وقته كمن صلى الصلاة في غير وقتها وكمن صام رمضان في غير شهر الصيام وكمن حج في غير وقت الحج.
فمن طلق دون الرجوع إلى أهل الاختصاص شرعاً ونصحاً وفهماً للواقع كالذي يلعب بشرع الله { وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗاۚ} وتأمل ما قاله النبي ﷺ {سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ قَالَ: «أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانًا، ثُمَّ قَالَ: أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟}
وتأمل فيما يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسألة الخلافة، «فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ لَهُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَا. أَسْتَخْلِفُ رَجُلا لَمْ يُحْسِنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ؟» «أنساب الأشراف للبلاذري» (10/ 421)
12- ماهي أسس استقرار الحياة الزوجية؟
- حياتك نبع أفكارك: من تأمل كلام الخالق سبحانه في تشبيه العلاقة الزوجية يجد فيه الغنية والكفاية، فشبهها بالسكن { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنهَا زَوجَهَا لِيَسكُنَ إِلَيهَاۖ} وشبهها باللباس {هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُم وَأَنتُم لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ} وشبهها بالمزرعة {نِسَآؤُكُم حَرثٞ لَّكُم فَأتُواْ حَرثَكُم أَنَّىٰ شِئتُمۖ} وشبهها بالصاحبة {وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ} {وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ}
- الاحترام والتقدير: نقول للزوجة لوجاءك النبي ﷺ في المنام وقال لك اصبري على هذا الزوج ألا تصبرين؟!! الجواب لاشك بلى، والله أعظم وأحق أن يطاع، فإذا غفر لامرأة بسقي كلب {بيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ، كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِن بَغايا بَنِي إسْرائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَها فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لها بهِ} فكيف بمن قامت بحق زوجها طمعاً في رضا الرب، بل اعتبريه كالحجر الأسود الذي قال فيه عمر بن الخطاب وَاللَّهِ، إنِّي لأُقَبِّلُكَ، وإنِّي أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، وَأنَّكَ لا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَبَّلَكَ ما قَبَّلْتُكَ.
حسن الخطاب: وفي موضع آخر تأمل كيف نجحت في اقناع زوجها الظالم العنيد وغيرت رأيه {وَقَالَتِ ٱمرَأَتُ فِرعَونَ قُرَّتُ عَينٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَو نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُم لَا يَشعُرُونَ} تأمل إلى فن الاقناع (قُرَّتُ عَينٖ لِّي وَلَكَۖ) أشركته في الموضوع بالرغم من أنها هي من تريده فقط، فجلعت الموضوع يخصهما كزوجين ولم تطرحه بشكل منفرد وأنها هي التي تريد، ولم تتكلم بأسلوب الندية، (لَا تَقتُلُوهُ) هن تريد مخالفة أمر زوجها ولكن قدمت الحل البديل لقرار الزوج، (عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَو نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا) فوضعت له خياران وهنا بطبيعة العقل البشري يتوقف عند الخيارات و لا يفكر بغيرها فحصلت على مرادها فكانت سبب لنجاة موسى عليه السلام في الدنيا وكان موسى عليه السلام سبب نجاتها في الاخرة.
- التحوير: فكل كلمة سلبية أقلبها لإيجابية فلا تبتلع الكلام السيء { ألَا تَعْجَبُونَ كيفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهُمْ؟! يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّدٌ}
كتبـــــه أبوسالم
ماجد بالليث الهمامي
يوم السبت 1/ صفر /1447
الموافق 26/ يوليو / 2025
No Comments