– الحديث عن الطلاق هو حديث من الأهمية بمكان فقد عدّ الصحابة رضوان الله عليهم أمر طلاق النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته أعظم من غزو غسان للمدينة
قالَ عُمَرُ: وكُنَّا قدْ تَحَدَّثْنَا أنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأنْصَارِيُّ يَومَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وقالَ: أثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إلَيْهِ، فَقالَ: قدْ حَدَثَ اليومَ أمْرٌ عَظِيمٌ، قُلتُ: ما هُوَ، أجَاءَ غَسَّانُ؟ قالَ: لَا، بَلْ أعْظَمُ مِن ذلكَ وأَهْوَلُ، طَلَّقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِسَاءَهُ. رواه البخاري حديث 5191.- الهدف الأصل في بناء المجتمعات والأسر هو الاستقرار والطلاق في بعض الأحيان يكون شرخ في الاستقرار الأسري كما أنه قد يكون حياة جديدة فيها ما فيها وعليها وما عليها.- الطلاق له تبعات كثيرة نفسية ومالية وعاطفية وغيرها فهناك حاجة ملحة للتوجيه الأسري بعد الطلاق لمتابعة الآثار السلبية أو الإيجابية المترتبة عن الطلاق وتقويمها سواء على المطلق أو المطلقة أو الأبناء.
– لسنا دعاة طلاق ولكن متى وقع قدر الله عزوجل فلابد أن يكون الإنسان مستعدا له وعلى دراية بالواجبات التي عليه وكيف يبدأ حياة أخرى.
– قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كسرها طلاقها ) رواه مسلم حديث 1468. فهذا أمر مسلم به أن المرأة تتأثر بالطلاق تأثرًا بالغًا.
– الطلاق في أصله رحمة من الله عزوجل وله حكمة بالغة وهو عبادة كما الزواج عبادة فله أحكامه ووقته وآدابه الشرعية فبذلك يُعلم أن الطلاق لابد أن ينضبط بضوابط الشرع حتى يكون عبادة. وذكر الفقهاء أن الطلاق قد يكون واجبا أو مستحبا أو مكروها أو محرما بحسب الحالة التي تعتريه.
– من العلماء من يرى أنه لا يصح حديث ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) سندًا ولا متنًا لأنه ليس هناك مباحًا مبغضة عند الله عزوجل. لكن قد يكون الطلاق حرامًا في بعض الحالات كحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ ) رواه أحمد والترمذي. وكذلك الطلاق في فترة الحيض محرم.
– الطلاق من قضاء الله عزوجل وقدره وكما وضع الله الأرزاق في الزواج فكذلك وضع أرزاقًا في الطلاق فنرضى ونؤمن بقدر الله خيره وشره، ويعالج القضاء بالقضاء فإن وقع الطلاق لابد أن نتعامل معه كما أراد الله عزوجل فلا نتجاوز.
– معالم الزواج وبناء الانسجام الروحي والوجداني لا تتضح ولا ينبني بمدة وجيزة كسنة واحدة ولا حتى بسنتين ولا ثلاث ولا خمس ولا عشر، لأن الإنسان في هذه الحياة مبتلى ( تبارك الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا ) وقال : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) فلابد أن يتحلى الإنسان بالصبر ما أحياه الله عزوجل. وأما في سياق الحديث عن الطلاق فالطلاق له أسباب شرعية وأسباب غير شرعية.
– الأسباب غير الشرعية للطلاق : الجهل والهوى والدخلاء
– من الجهل رمي الطلاق في غير محله وهو داخل في اتخاذ آيات الله هزوا.
– كيف نتجنب الطلاق ؟
1- تقوى الله عزوجل ومخافة الله في الطرف الآخر.
2- اكتساب المهارات والآداب التي تسهم في استمرار ونجاح الحياة الزوجية
3- حرص كلا الطرفين على أن يعرف ما الذي له وما الذي عليه فيطلب الذي له بالإعفاف ويؤدي الذي عليه بكرم حاتمي.
– المسؤول الأكبر في الطلاق هو الرجل الذي تخلى عن دوره في الإصلاح والتقويم وحل المشاكل وتسوية النزاعات سواء كان الزوج أو أبو الزوج أو أبو الزوجة أو غيرهم من الرجال الذين شهدوا هذا الزواج ووافقوا عليه وسعوا فيه. وفي بعض الأحيان يكون الزوج هو الضحية. ولابد أن يقف أهل الزوج مع الزوجة إن أخطأ ابنهم في حقها وتعدى عليها ولابد أن يقف أهل الزوجة مع الزوج إن قصرت ابنتهم مع زوجها ولم تؤد حقه فذلك باب كبير من الإصلاح وإغلاق لباب الطلاق.
– في الطلاق يُعرف عقل الرجال وديانة النساء.
– أضرار الطلاق
1- أن يخسر العبد ما عند الله عزوجل إن كان ظالمًا للطرف الآخر ومهما كذب المرء وافترى أمام القضاء على الطرف الآخر لكن أمام الله عزوجل لا تخفى خافية وعاقبة الظلم وخيمة.
2- عدم تمكن الوالد من الاستمتاع بأبنائه وتقويمهم وتأديبهم كما يحب وكما ينبغي لأن الأب لا يستطيع أن يدرك ويميز عيوب أولاده على الوجه الحقيقي إلا إذا كان يعيش معهم. وأما الحياة عن بعد فلا تريك فيهم الصورة الكاملة فلابد أن يحصل تقصير وغفلة عن تقويمهم في عيوب هي فيهم ولكن لا يراها الوالد لبعده عنهم.
3- الإناث من الأبناء يتضررن نفسيا من الطلاق
4- تتضرر المرأة أكثر من الرجل لأن الرجل إن لم يكن ظالمًا فالطلاق بالنسبة له قد يكون مشروع حياة جديدة أما إن كانت المرأة مظلومة عند الله عزوجل فسوف يغنيها الله من فضله.
– نوصي الزوجات قبل الإقدام على الطلاق أن تتمسك ما استطاعت بزواجها وأن تحاول جاهدة إصلاح ما استطاعت للحفاظ على هذا البيت وليس هناك امرأة عندها زوج كفرعون ومع ذلك استطاعت آسيا العيش مع فرعون بل وكان يحبها. فإن كان زوجك فرعون فكوني أنت آسيا.
– المرأة فيها من صفات التشكل واللطافة والنعومة ما يجعلها كالماء والرجال فيهم من القوة والجمود كما الحصى ومع ذلك تستطيع المرأة بمهاراتها أن تشق الرجل كالماء يشق الجبال ويكون شلالا. فلا أؤمن أن هناك امرأة لا تستطيع العيش مع رجل لكن هي التي لا تريد أن تعيش معه أو لا تملك المهارات والإمكانيات أو أنها تستقبل من التحريض ما يفوق ما تراه من الخير في بيتها.
– بعد الطلاق لابد من الإيمان بقضاء الله عزوجل وقدره وأن يتعاون الطليقان على تربية الأبناء ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وأن يحتسب الرجل المال الذي يعطيه كنفقة لأبنائه ويحسن إلى أمهم مقابل تربيتها لهم فلا تنسيه الدنيا أجر الآخرة وثواب الله عزوجل له.
– آداب الطلاق:
1- تقوى الله عزوجل
2- عدم نسيان الفضل لعلاج حظوظ النفس ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) فالأمر هنا بالجمع لشمول الطرفين.
3- التسريح بالإحسان ( أو تسريح بإحسان )
4- عدم كتمان المرأة لما في رحمها إيمانا منها بالله عزوجل واليوم الآخر
فهذه كلها لعلاج حظوظ النفس لأنه كما قال الله تعالى : ( وأحضرت الأنفس الشح )
– من قواعد المعاملة العامة :
1- توسيع الحرية الشخصية.
2- البحث عن البواعث أي المسببات فيُبحث ما الباعث على طلبها للطلاق.
– الصلح خير قبل الطلاق وأثناء الطلاق وبعد الطلاق
– من الإبداع أن يحول الإنسان عدوه إلى حبيب فمن الجميل أن يحسن الطليق إلى طليقته وأن يجعل هناك سبيل للرجوع.
– هناك كثير من الرجال والنساء بعد سنة أو سنتين من الطلاق يندمون على الطلاق ويؤيدون الرجوع لكنهم لا يعلمون كيف يرجعون ولكن ليعلموا أن هناك فرصة للرجوع حتى بعد الطلاق ولكن الأمر يحتاج إلى مهارة الطرفين في أن يرجعوا المياه إلى مجاريها.
– كثرة المشاكل دليل على كثرة الحب لكنه غير مستخرج.
– مما ينصح به الطليقان سواء الرجل أو المرأة أن يتزوجا بعد الطلاق ، قال الله تعالى : ( وإن يتفرقا يُغن الله كلًا من سعته ) شرط أن يكون الطلاق بإحسان. والأبناء حافظهم والمتكفل بهم من خلقهم.
No Comments