
ناموس الاستشارة
من أيام وأنا متوترة ولا أنام بالليالي بسبب تصرفات ابنتي، أخبرتني أختها أنها سمعتها تكلم شاب ولها علاقة هاتفية، وواجهتها وفتشت هاتفها وما وجدت شيء، ولكن أنا أثق بأختها فهي لا تكذب ما شاء الله عليها، فيني ضيق وحزن والضغط مرتفع عندي ومب عارفة ماذا أفعل، وهل أخبر والدها ولا أستر عليها وكيف أتصرف معها، وهي زعلانة تقول لي: ما لك حق تفتشي أغراضي وأنا حرة.
* كم أعمار صاحبة الموضوع والناقلة للخبر؟
قالت: هي 17 سنة وأختها 18.
* هل بينهما خلافات البنات؟
قالت: نوعا ما.
* هل وجدت دليل على ما قالت أختها لك؟
قالت: لا، ولكن أنا متأكد من ذلك، فأنا أثق بأختها أكثر من نفسي، وهي تنكر ولا تريد تعترف.
* ما سألتك عن الثقة، وهذه الثقة أصلا خاطئة تمامًا فهي ثقة عمياء، فهل أنت وجدت دليل على ذلك؟ فقط هذا سؤالي، أو هل اعترفت لك البنت بذلك؟
قالت: لا.
* هل أنت علمتيها ذلك وربيتها على المعاصي والمكالمات الخائنة والمغازلات الآثمة؟
قالت: لا والله، بالعكس ربيتها على التربية الصحيحة والدين والقرآن وكل ما يحب الله ويرضى والعبادة والصلاة، وهي لله الحمد محافظة على صلاتها وحشمتها، ولكن خائفة عليها.
* أنا متفق معك في أن المكالمات والمغازلات الشبابية شيء محرم وخطأ وعواقبه وخيمة.
قالت: نعم وجزاك الله خير.
* هل بنتك الأولى والثانية أو أي شخص قريب ولو أمك أو زوجك يشعرون مدى الألم والحزن والضيق الذي يعتريك وقد يتحول مع الأيام إلى أمراض نفسية أو عضوية مثل سرطان الثدي لا قدر الله؟
قالت: لا أبدا، والله يعافينا.
* هذا الحزن والألم يضرك أنت ولا يضر غيرك، وهل الله يريد منا الحزن والضيق، أم يريد منا علاج الأخطاء؟
قالت: صحيح هذا يضرني وحدي، والله لا يريد ذلك منا ولا يريده لنا.
* هل تظنين أنك قادرة أن تربي عيالك تربية أكثر حرصًا وإصلاحًا واهتمامًا من نبي الله نوح لابنه أو من نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام لبنيه إخوة يوسف؟
قالت: مستحيل ومعاذ الله.
* هل كُفر ابن نوح عليه السلام يتحمله سيدنا نوح وكان متسبب فيه بشيء، وهل عُدوان وجناية أخوة يوسف على أخيهم الصغير يتحمله يعقوب عليه السلام أو تسبب فيه بشيء؟
قالت: لا.
* إذًا عدم نومك وتوترك وارتفاع الضغط باختيارك بكامل إرادتك، إذا ما جاك نوم قومي وصلي وادعي لنفسك ولعيالك ولنا، واقرئي من القرآن واشغلي نفسك بالخيرات.
* الشيء الثاني:
بخصوص قولك “هي تنكر ولا تعترف”
– وهل المطلوب منا الاعتراف بذنوبنا وعيوبنا للآخرين؟ هل أنت إذا عندك قصور أو معاصي تروحين تعترفين عند زوجك؟
قالت: لا
* ما دام بنتك تنكر ما نُقل لك ولم تجدي دليل على ذلك، فكوني عونًا لها وعلميها التوبة والاستغفار ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ١٣٥﴾ وبيني لها مكفرات الذنوب، وأن كل بني آدم خطائين وخيرهم التوابون، وكل نفس بما كسبت رهينة، والتحذير بلطف من المحرمات وكل ما يضر، وأن الذنوب مهما أُخفيت ستظهر يومًا ما، والحذر خاصة من الابتزاز العاطفي والمكالمات الغاشمة والتهور بمصائب وسائل التواصل.
* الشيء الثالث:
فهميها بهدوء واحترام وأدب وتقدير وبلا صراخ ولا نزاع (أن الشخص الوحيد الحر هو المجنون)، أما بقية الناس فكلنا عبيد الله وعلينا الالتزام بكل ما أمره الله قدر المستطاع، والابتعاد عما حرمه ما يضرنا، وأنه ليس أي أحد حر في هذا البيت لا أنا ولا أبوك صاحب البيت، وكل واحد عليه مسؤوليات وواجبات،
* هي يوم تشتغل وتسكن لحالها عند ذلك يسير خير، ما دام الهواتف والأجهزة من مالك أو مال أبيها أو أجرة سكن البيت لا تدفعه ولا الأكل ولا الشرب ولا الكهرباء التي تشحن بها هاتفها وأجهزتها والشريحة باسمك أو اسم الأب أو الأخ الأكبر فليس لها الحرية ولا على كيفها تستخدم هذه الأشياء فيما يضر، ولكم الحق في سحب كل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
* الشيء الرابع:
كلامك أنك تثقين بنتك ناقلة الخبر لك فهذا عيب وتقصير منك، فالعاقل لا يشك بأحد ولا يثق بأحد، والدليل على أنك لا تثقين بكلام بنتك الثانية هو أنك بحثت عن دليل من هاتف البنت، فكونك تبحثين في الهاتف لكي تدينيها هذا دليل على عدم ثقتك بالبنت المخبرة مطلقًا، وهل سألت بنتك التي نقلت لك الخبر إن كانت تأكدت من الموضوع؟ وهل سألتيها إن كانت ناصحت أختها مرارًا وتكرارًا قبل ما توصل لك الخبر؟
* يا أختي ما في شيء اسمه “اثق ثقة عمياء، أو أكثر من نفسي” هذا كلام غير صحيح، شوفي هذه القصة:
– كان رسول الله راجع من غزوة فاشترى فرسًا من أعرابي على أن يكون قبض ثمنه بالمدينة، ثم وجد الأعرابي سعرًا أفضل وباع الفرس، فقال له رسول الله قد بعت لي الفرس، فقال الأعرابي ما بعتك شيء هلم شهيدًا يشهد لك، فما استطاع أحد أن يشهد ولم يحضر البيع، حتى جاء الصحابي خزيمة بن ثابت فلما سمع المراجعة بين رسول الله والأعرابي، والأعرابي يقول هلم شهيدًا يشهد لك والناس صامتون لا يشهدون، فجاء الصحابي خزيمة بن ثابت فقال: أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل رسول الله على خزيمة متعجباً منه وقال “بم تشهد ولم تكن حاضرًا؟” أي كيف تشهد ولم نشهدك؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله، فأصدقك على خبر السماء ولا أصدقك ببيعة أعرابي”
فاحفظي مني قاعدة (لا أشك ولا أثق بأحد)، وإنما العلم بالأدلة والبراهين
* اعلمي أن الحب والمشاعر لا تعرف الأبدان ولا الأديان ولا الأوطان، ولا الأمكنة ولا الأزمنة، فإذا نحن أهملنا صناعة الحب وصياغة المودة وغرس الانتماء وتعزيز الوفاء من خلال البيوت وتلقينه بفلذات الأكباد وتبادل الزوجين معًا ومع العيال والبنات خاصة، والاستماع لهم والجلوس معهم واعطائهم أنفس الأوقات، والانفتاح معهم بكل ما يطرق عقولهم ويلعب بفكرهم، فكلما ضعفت هذه المعاني وبناء النفسيات، فأدنى غبار عاطفي أو دخان رومانسي سوف يخنق العيال ثم تكون خسارتهم بسببنا نحن معاشر الوالدين.
* فكلما أغدق الوالدين الحنان والثقة والرحمة والحب وتغذية الإيمانية والمراقبة الإلهية والحلاوة الروحانية وتطعيم حب الله ورسوله، كانت سعادتهم التربية بعيالهم كبيرة.
* ما دام العيال في بيتك ومسؤوليتك، وتحت نفقتك مع أبوهم، فلكم الحق بوضع جميع القرارات التي تناسبكم شرعا وعقلا بكل هدوء وقناعة، فالبيت بيت الوالدين والطعام طعام الوالدين والكهرباء والماء وجميع الوسائل منكما فلا بد من تعليمهم ذلك، فلهم حقوق وعليهم واجبات
* إذا كان الأب حكيم رحيم يحسن التصرف فأخبريه أنت، وإذا كان غير حكيم فلتخبره بنتك الأخرى بحضورك، وأنت تتدخلين بالحكمة حتى تخاف البنت وترتدع، واعلمي أن إخفاء الأمهات لأخطاء الأبناء عن الآباء هو مما يزيدهم جرأة وتمرد، فالعيال لا يخافون من الأمهات لشدة رحمتهم أو حنانهم.
No Comments