
ناموس الاستشارة
كنت على فراش النوم؛ فانقضت عليّ ابنتيَّ عينتيَّ نور البصائر بأسئلتهم الغريبة والتي لا حدود لها، بارك الله فيهما وإخوانهما، فاطمة قاطنة الروح والملقبة "بالفيلسوفة" منذ طفولتها المبكرة، لقبها حفظه الله الدكتور الفاضل والخليل الجليل محمد علي أبو الروغة، اللهم بارك
سألتني: أبوي عندي سؤال أو استشارة يا مستشار، ليش المرأة ما يجوز تتزوج بأربعة رجال مثل ما يجوز للرجل يتزوج بأربع حريم؟
ضحكت عليها معلمتها أختها الكبرى ريانة الروح،
ثم قالت: بدأتِ فلسفتك، أكيد إذا طلقها أو مات عنها يجوز بعد كل واحد،
فردت عليها: لا أقصد في نفس الوقت، لماذا ما يجوز لها؟
قالت لها: يا مجنونة ويش تقولين
* قلت لها: سؤالها جميل جدًا ومهم، وأنت عبقرية ما شاء الله عليك،
– ولكن من قال لك يا فاطمة ما تجوز المرأة تتزوج أربع رجال في نفس الوقت؟
قالت: الإسلام،
* قلت: والإسلام من أين؟
قالت: من الله،
* قلت: فهل الله عليم حكيم رحيم؟
قالت: بلى،
* قلت: فإذا الله قال ذلك فلا يُسأل ولا يُناقش، فهو سبحانه الخالق وأعلم منا
قالت: بابا أنا ما اعترض ولا أناقش، بس أريد أعرف السبب، ليش فقط
* قلت: طيب يا ذكية كلامك جميل
افترضي أني متزوج 4 من النسوان أمك أمنة ومريم وعائشة وفاطمة.
قاطعوني وقالوا: لا نرضى على أمنا، وضحكوا عليّ، ههههههه
فضحكت وقلت لهم تريدون أشرح لكم السبب ولا لا؟
لا تقاطعوني فأنا ما قاطعتكم وتركت لكم حرية التعبير والكلام ولا أنكرت عليكم بشيء،
وسواء رضيتم أو ما رضيتم هذا لا يخصكم ولا شأن لكم، فهذه حياتي واختياراتي الشرعية،
وأنا قلت لكما افترضوا وما قلت بتزوج وأمكم غالية
قالتا: آسفين أبوي نكمل ونفترض أنك متزوج بأربع نسوان وبعدين.
* قلت: وكل واحدة أنجبت طفلًا، فهل كل واحد من الأطفال يعرف بنفس الوقت من هو أبوه ومن هي أمه؟
قالتا: طبعًا فمثلا أنا “فاطمة عبد القادر” وأمي “أمنة” والطفل الثاني مثلًا “سند عبدالقادر” وأمه “مريم” والثالث “أحمد عبد القادر” وأمه “فاطمة”، والرابع “سلمى عبدالقادر” وأمها “عائشة”
* قلت: جميل جدا، ولو هناك أمرأه اسمها “زليخة” مثلًا وتزوجت بنفس الوقت أربع رجال،
وجابت طفلًا واحدًا فهل هذا الطفل يستطيع معرفة من هو أبوه بنفس الوقت؟
وإذا تنازعوا الأربع بالولد فمن يكون أبوه؟
وإذا الأربع رفضوا أنه ولدهم فمن هو أبوه؟ ويش الحل؟
قالت الفيلسوفة: سهلة أبوي زليخة تختار من يكون أبوه أو نقرع بينهم
قالت أختها: بعد ضحك شديد أنت ويش في عقلك كيف تختار ويش تقولين
* قلت: ريان صح كلام فاطمة، خليها تتكلم يا ريان هذا كان يحصل في الجاهلية قبل الإسلام وقبل بعثة رسول الله محمد وفي مكة وعند العرب،
وقد روته وذكرته سيدتنا عائشة أم المؤمنين في صحيح مسلم، ولما جاء الإسلام وبعث الله رسوله محمد أبطله الله، ولكن ما كان يحصل بزواج، بل بلا عقد زواج يعني علاقات غرامية وزنا وبعدين المرأة تختار من شاءت إذا رضوا أو تقرع بينهم فتعطيه الولد
قالت فاطمة: ما شاء الله شوفوا كم أنا ذكية فكري قبل ما تنكري، كما ممكن أبوي يعرفون عن طريق فحص دي أن أي.
* قلت: هل العالم كله عندهم فحص دي أن أي؟
هل هو متاح في القرى والبادية؟
وهل الناس أدرى بهذا الفحص؟
ويش حكم الشرع والدين من هذا الفحص؟
وهل كل وقت نستخدم الفحص أو حالات معينة؟
أيضا، كيف لو هم ما رضوا باختيارها؟
وماذا لو هم كلهم ما رضوا بالولد ولا يريدونه ويش العمل؟
* المشاكل والضرابة هل يكون بين الأولاد ولا بين البنات؟ سواء في البيت أو المدرسة أو في الألعاب، شوفوا مثل إخوانكم محمد وعمر كم مرة يتضاربون في اليوم بألعابهم؟
قالتا: كثير وبدون سبب دومًا يتضاربون، أحياناً علشان يثبت كل واحد أنه أقوى من الآخر
* قلت: يا فاطمة الأولاد الذين لا يتفقون بألعاب ودائم يتضاربون، هل يقدرون أن يتفقون بزواج من امرأة واحدة؟
قالت: مستحيل، سوف يتقاتلون بالسيوف والسكاكين والأسلحة
* قلت: ولذلك غيرة الرجال أشد من غيرة النساء ويترتب منها ضرابة وقتل ومشاكل،
بخلاف غيرة المرأة تروح تزعل عند أهلها ولا تقتل ولا تؤذي أحد،
بل غيرة الرجل قد تحمله قتل عياله وهذا مستحيل أن امرأة تقتل عيالها أو عيال غيرها بسبب الغيرة، وهذا معدوم أو قليل جدا لآن نفسية المرأة وتكوينها فيه الرحمة والشفقة والحنان ولا تجيد الانتقام بالقتل
* يا حلوتي لو راقبت عالم الحيوان ستجدين أنه من المستحيل مشاركة الذكور بالإناث، بل الصراعات القتالية في الأسود والتيوس والثيران والحيوانات يكون بسبب تنازعهم من يربح لوحده بالإناث
* أخبركم قصة لأحد أصدقائي وتعرفونه جيدًا ولا تستطيعون معرفته، كان طلق زوجته وكان عنده منها عيال، ثم بعد سنوات تزوجت المرأة رجل آخر، وكنت معاه في سفر يوم زواجها وصار بيني وبينه نقاش وهو الذي فتحه، ثم لما خالفته بالرأي غضب وانفعل جدا بصورة ما توقعت منه وزين ما ضربني؛ ولشدة احترامه وتقديره السابق، أنا حتى الآن أعذره لمعرفتي أن هذا كان بسبب سكرة الغيرة، هذا وهو طليقها وليس زوجها.
قالتا بعد ضحكات، ما دام طلقها ويش دخله فيها، والله ما عنده سالفة وتلومون الحريم بالغيرة
* يا فاطمة لو عندك أربع مشروبات حليب وعصير وماء وشاي وعندك كأس واحد فهل تستطيعين تخلطينهم بنفس الوقت للشرب؟
قالت: مستحيل
* قلت: فالمرأة في احتوائها مثل الكأس، لذلك سمى الله أمنا حواء لآنها احتوت أبونا آدم وسكن إليها، فكما لا يمكن وضع أربعة مشروبات في كأس واحد، لا يمكن زواج أربعة رجال من امرأة واحدة.
* الله لما خلق المرأة خلقها بطبع معين لكي تعبد الله وتقوم بوظيفتها التي كُلفت عليها، ولذلك لن تسمع في التاريخ ولا في الأديان امرأة متزوجة من أربع رجال وهم مستقرين كلهم، فهذا يخالف الفطرة التي خلق الله عليها
* أيضا الرجل لما يتزوج بأربع نساء يجب عليه أن يوفر لهن بيت مستقل لكل واحدة، مثلما كان رسول الله موفر لكل زوجة مسكنها، ويجب عليه أن ينفق عليهن كما أمره الله ورسوله وكما هي العادات والقانون في البلاد الإسلامية،
* لكن على سؤالك عن المرأة إذا تزوجت أربع رجال من يجب عليه أن يوفر السكن ومن يجب عليه أن ينفق عليها.
قالتا: سبحان الله، كل شيء له حكمة، ويحتاج فهم وتعلم
* ههههههه فاطمة هل تريدين أب غيري، وعلى كلامك وسؤالك هذا ينطبق أيضا على أمك وعليك أن ترضين ذلك؟
قالت: لالالا أعوذ بالله ما أرضى، بابا لا تتمسخر ولا تطقطق علي.
شكرًا لك أبونا أنك تستمع لنا وتناقشنا وتجاوب كل أسئلتنا ولا تزعل
* قلت: يا بناتي ديننا الإسلامي من الله السلام الخالق الرحمن الرحيم الحكيم، فلا بد أن نفرح به، ونتفخر به ونعتز به، وأن نثق بالله فهو يحبنا ولو ما فهمنا الشيء أو ما عرفنا حكمته نصدقه ونعمل به ليقيننا بالله، فإذا رضينا بالله ربًّا وبمحمد رسولًا وبالإسلام دينًا فعلينا التسليم والرضا والطمأنينة فنسعد بالدنيا والآخرة
* وأنا أشكركم، دائم تفرحونني بحواركم وسؤالاتكم المفيدة، فأعرف جمال عقولكم وسلامة تفكيركم فأحمد الله كثيرًا أنكم عيالي
تنبيه هام: اجلسوا مع عيالكم، حاوروهم، ناقشوهم، كونوا مستمعين جيدين لهم، دعوهم يعبروا عن مكنونات نفوسهم ومختلجات ضمائرهم، ووساوس أذهانهم، وعليكم بتعلم وفهم طريقة القرآن المكي الذي يخاطب العقل والفكر ويأمر بالتأمل والتدبر فهذا هو السد المنيع من الانحرافات الفكرية.
No Comments