
ناموس الاستشارة
أنا امرأة أحب زوجي وعيالي وبيتي، ولكن غيرتي شديدة ولا أتحكم بتصرفاتي ومشاعري، وتحرقني هذه الغيرة، ولا أريد أن أخسر أسرتي وحياتي الزوجية، فكيف أتعالج من ذلك؟ وما الطرق لأتعامل مع مشكلتي، فغيرتي أفسدت حياتي!
– هل أنت استفدت من هذه الغيرة؟
قالت: لا، بل خسرت نفسياً وصحياً وزوجياً
– هل الزوج متسبب ومستفز لك في غيرتك هذه؟
قالت: نعم
– هل غيرت غيرتك شيء من ذلك أم زادت؟
قالت: زادت
– هل زوجك أصغر عيالك وتمتلكينه ولك سلطة عليه؟
قالت: لا
– هل الزوج جزء من حياتك أو كل حياتك؟
قالت: كل حياتي
– يعني أنت بتكوني معه في القبر أو بتتحاسبين معه يوم القيامة أمام الله؟
قالت: لا
– هل أنت جادة في بحثك عن العلاج؟
قالت: نعم
– وهل ستطبق التوجيه والاستشارة؟
قالت: نعم
– هل سبق أنك كلمتِ أحد أو ناقشتِ أي شخص عن مشكلتك هذه؟
قالت: نعم كثير وما وصلت معهم إلى نتائج غير قولهم اصبري؟
– قولهم اصبري صح، والصبر أهم علاج لكل مشاكل الكون، ولا حل ولا علاج أعظم من الصبر، ولذلك يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، والجنة تحتاج إلى صبر، والدنيا تحتاج إلى صبر.
– بحثك عن علاج لمشكلتك هو من نعم الله وتوفيقه ورحمته عليك ومحبته لك، وأن الله أراد بك خيرًا، وفي الحديث النبوي “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”
– قبل نقاط العلاج، لا بد أن تعرفي أن الغيرة متواجدة في الطبيعة البشرية على اختلاف درجاتهم، سواء كانت مذمومة أو محمودة،
فهذا واقع، والغيرة موجودة، ولا بد من إحاطة طرق التعامل مع الغرائز البشرية السلبية أو الإيجابية، ولذلك تجدين أن أطفالنا الصغار في عمر السنتين أو أقل أو أكثر يغارون من المولود الجديد في البيت، ويمكن أن يصيبوه بأذى منهم بسبب الغيرة.
– فالغيرة المذمومة من السلوكيات التي يطبع بها بعض البشر، مثل ذلك مثل النجاسات التي يحملها المرء بداخل جسمه كالبول والغائط والدماء أو المستقذرات كالبصاق والنخامة والعرق،
ومع الطهارة فإن المؤمن لا ينجس، حتى ولو حمل النجاسة، لأنه يتطهر منها دائما،
– وكما أن هناك نجاسات حسية تحتاج مطهرات حسية، هناك أبضا نجاسات نفسية روحية عاطفية تحتاج لمطهرات إيمانية ومبيدات عقلية.
– الغيرة نوعان كما أخير به رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مِن الغَيرةِ ما يحبُّ اللهُ، ومنها ما يُبغِضُ اللهُ: فأما التي يُحبها الله عزَ وجلَّ فالغَيرةُ في الرِّيبةِ، وأما التي يُبغِضُها فالغَيرةُ في غيرِ ريبةٍ” رواه أبو داوود وحسنه الألباني
– بل إن الغيرة صفة لله تعالى، وهي صفة لرسول الله، فقد قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ” رواه مسلم
– أما كيف تتعالجين من الغيرة المذمومة ومن علامتها الآثار السلبية منها من الضيق والتكدر والشقاق والشك والريبة:
1. الدعاء
فقد قال رسول الدعاء والتعلق بالله وكثرة الدعاء والابتهال لله تعالى والصبر، وقد قالت أم سلمة لرسول الله لما خطبها “إني امرأة غيور” فقال رسول الله: [أما الغيرة فسا دعوا الله أن يذهبا عنك]
2. المصارحة بلا كذب ولا هجوم ولا مكابرة،
فهذه أم سلمة اعترفت بغيرتها وقالت: “إني امرأة غيور”، فإذا جاءتك نوبة الغيرة كوني صريحة بأنك بوضع غيرة وبيان عيبك بالغيرة واطبي منه التماس العذر لك والاهتمام بك في وقت الغيرة لأنك بالغيرة حيرة والحيرة في الغيرة.
3. كثرة التعوذ
بأن تتعوذي منها ومن الشيطان الرجيم ومعرفة أن الغيرة المذمومة من إبليس الرجيم والشيطان اللعين، فأول من غار على آدم عليه السلام وتراقب ويترقب قبل ان يخلقه الله هو الشيطان، وهو الذي غار عليه في السجود فقد لله لما أمره السجود لآدم ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا٦٢﴾ سورة الإسراء ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ١٢﴾ سورة الأعراف
وقال رسول الله لعائشة: “لما غارت أجاءك شيطانك”، والغيرة هي حملت قتل قابيل شقيقة هابيل ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧﴾سورة المائدة، ليكون عليه ورز كل دم يراق وقتل زهاق إلى يوم القيامة، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا» أي مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ أَوَّلًا،
والغيرة هي التي منعت أبي جهل من الإسلام، ومنعت اليهود في زمن النبي من تصديقه،
والغيرة المذمومة أس وأساس الحسد، وهي تأكل صاحبها كما تأكل النار نفسها بنفسها.
4. الحرص على قوة الشخصية ومتانة النفسية
” المؤمن القوي خير وأحب الله إلى الله من المؤمن الضعيف”، وكثرة مشغولاتك عنه وانشغالك بنفسك وما ينفعك ذات تأثير كبير في التخلص من الغيرة المذمومة.
5. لكل داء سبب ودواء
فأعرف الأسباب المنتجة لداء تعالجه وسر مشكلة الغيرة هي نتاج لحب التملك وعشق التعلق ومن كانت هذه غيرته.
6. استثمار وتحوير المواقف بكل إيجابية وفكاهة،
كما فعلت عائشة رضي الله عنها لما قال لها رسول الله: أغرت؟ قالت: “ما لي لا يغار مثلي مثلك” فاستثمرت عائشة ذلك بأسلوب عذب جميل.
7. النظر لِمآلات الغيرة الوخيمة،
النظر بالعواقب والتفكر بأضرار الغيرة المفرطة المذمومة إذا سببت الغيرة مشاكل فلا فائدة إلا بالخسائر وهذا ما يفرح به الشيطان
8. استحضار الفضائل والمحاسن الحياة الزوجية وجمائل الزوج
9. المجاهدة والمصابرة
ويكون ذلك مع حسن الأخلاق والتدرج بالتحمل والصبر والتعايش كمرض السكري أو مرض آخر وأخذ الانسولين من برودة الأعصاب قدر المستطاع.
10. الحذر ثم الحذر
فالغيرة الزائدة سواء بحق منك أو لا، سبب يدفع لزوجك عاجلًا أو آجلاً إما الطلاق أو الزواج عليك
قالت: جزاك الله، جدا استفدت وإن شاء الله أطبق كل ذلك
No Comments