
ناموس الاستشارة
يا أستاذ عندي سؤال
أيهما أنفع للإنسان، تقدير الذات أم تزكية النفس؟ وشو الفرق بينهم؟
سؤالك عظيم يظهر بما حباك الله من فكر جميل وحرص جليل على الفهم السليم
وسأجيبه عليك بناموسة كاملة بسبب فهمك العميق حتى يكتب الله لك أجر من استفاد منه فكما قال رسول الله؛ الدال على الخير كفاعله.
اعتني بالعلم النافع وكثرة الدعاء الجامع. والله يرفع قدرك وينفع بك وفيك العباد والبلاد ويرزقك الثبات في الامر والعزيمة في الرشد
وزاد الله لك علمًا نافعًا وجعلك بركة على البلاد والعباد والمجتمع.
لا شك أن الكلمة الصحيحة الطيبة النافعة والأنفع استخدامها وتناولها وتداولها هي تزكية النفس وذلك لسببين:
السبب الأول:
أنها معبرة عن هويتنا وبيئتنا التي يجب أن نعتز بها، فهي الواردة في كلام الله الخالق الخبير فكلمات الله ووصفه أدق وأشمل لأنه الخالق لها والخبير بها، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [ فاطر: 18]، فهي كلمة نسبتها ونسبها متصل بين الخالق الرحمن ونحن عباد الرحمن، فالفخر والاعتزاز والفرح بها هو الأولى كما كانت تفعل ذلك أم المؤمنين زينب بنت حجش رضي الله عنها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه كانت زينب تفتخر على نساء النبيّ ﷺ تقول: ” زوجُكُنَّ أهْلوكُنَّ وزوَّجَنيَ اللَّهُ من فوقِ سبعِ سماواتٍ” رواه البخاري، فالتسمية والتعبير من فوق سبع السموات هو تزكية النفس.
والسبب الثاني:
عظم وعمق دلالة معنى التزكية في اللغة العربية فمعناها باللغة العربية تدور على معنيين جليلين عميقين يتناسب مع مكنونات النفس وما المطلوب منها.
الأول: التطهير، قال الله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)﴾ [الشمس]، فالمطلوب التطهير الحسي، الجسدي، المعنوي، والنفسي للذات في كل مرحلة وهذا من أعظم الطرق لكسب وحصول ونيل محبة الله، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين حسيًا ذاتيًا ومعنويًا ونفسيًا.
والثاني: الزيادة والنماء، ومنه قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)﴾ [التوبة]، ولأجل ذلك سميت الصدقات زكاة، اي زكاة المال، لزيادتها وبركتها والنماء في المال، فلا بد من تزكية النفس بزيادة رفعتها وبركة نفعها ونماء ذكرها.
وأما تقدير الذات تعبير على الذات وقوتها فلا توجد في اللغة العربية ولا في قواميسها وليس من تراثنا الإسلامي العربي؛ فهي من كلمات المستغربة مأخوذة من الغرب وهي دارجة عندهم ودراجة في ثقافتهم وحق أن تنتشر بيننا فهم الأقوى اليوم والقوي يفرض ثقافته لأنه الأقوى فقط يحرص على منتجاته.
وليس في الاصطلاحات مشاحنات إذا كان المستخدم لها واعي ومدرك لها، وهي كلمة مجملة تحمل معنى صحيح وإيحاءات ومدلولات مذلولات فاسدة.
هذه الكلمة (تقدير الذات) قد يكون معناها صحيحا إذا فهمنا أصل كلمة التقدير وجذرها اللغوي فالتقدير يأتي بمعنى:
1- التشريف والتعظيم والقدر بالمنزلة ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [ القدر: 1] ومنه اسم الله القدير ذو القدر.
2- ويأتي بمعنى المحاسبة ومنه قوله ﷺ في رؤية الشعبان “فإن غمّ عليكم فاقدروا شعبان ثلاثين” ومنه اسم الله القدير فهو المقدر لأمور المحاسب لها.
3- ويأتي بمعنى التضيق ومنه قوله تعالى عن يونس عليه السلام:
﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [ الأنبياء: 87]
، ومنه قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [ سبأ: 36]
، وقوله تعالى:
﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [ الطلاق: 7]
4- ويأتي بمعنى الطاقة والقدرة والسعة ومن أسماء الله القادر وأنا عبد القادر ومنه قوله تعالى:
﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [ البقرة: 236]
5- وكذلك يأتي التقدير من القدر والقضاء.
فتقدير الذات إذا كان معناها تشريف الذات ومحاسبتها والتضيق عليها عما يضرها في دنياها وآخرتها وحملها على ما تستطيع مما وسعها وقدرتها والتخطيط لها فصار معناها في النهاية نفس تزكية النفس، فيكون بذلك المدلول والمعنى سليم.
أما المدلول الفاسد لتقدير الذات، وهو تقديس الفردانية، وأن الفرد هو الأهم فقط لذاته وتقديم مصالح الفرد على مصالح الجماعة، وظن الإنسان أنه بتقدير الذات مستقل يفعل كلما يريده بلا حساب باسم تقدير الذات والحرية الوهمية ولا يحتاج لأحد وهذا أكثر ما يضر في عالم المراهقين والمراهقات وكثير من النسوة اللاتي انخدعنّ بذلك وأوهموهنّ أن تقدير الذات تعني الاستقلال من الرجال وسلطتهم والقوامة وأنهن بذواتهن وكينونتهن يصنعنّ مجد عجز عنه الرجال منذ نزول آدام وحواء لإعمار الأرض بطاعة الله وعبادته، ويوَلِّد كما نراه إهمال الزوج والعيال وأقاربها من الرجال وتهميشهم، والسفر بلا محرم باسم تقدير الذات، السهر والسمر باسم تقدير الذات، تشتري لوحدها وتحتفل لوحدها في كوفية باسم تقدير الذات، وغير ذلك، حتى تصل بدون شعور في النهاية الى معاداة السامية قوامة الرجال والنظر إليهم أنهم ظلمة إقسائيون.
طيب وبعدها كل ذلك هل يمكن بتقدير الذات أن تستغني من جنس الرجال؟
فمن الطبيعي تحتاج لولدها وهو رجل وتحتاج للشرطي والقاضي وهم رجال وتحتاج مصلح السيارات والكهرباء وبناء البيوت وعامل النظافة والدكتور وهم رجال وتحتاج من تحبه وتعشقه وهو رجل فتخضع له بالحرام وتتكبر عليه بالحلال.
فتكون لقمة ممتنة سائغة للضباع الذكورية الشهوانية الذين يحبون الفاحشة والخسة والإهانة لهن والبذرة الخبيثة، لذلك شجرة الزقوم هي تقدير الذات المستورد، وليس كل ما يستورد ويستجلب سيء.
ووالله أعرف مَن تمردت على الزوج الطيب المحب لها العطوف عليها وكانت عاقبتها لعبة ومهانة تحت فاجر لا يخاف الله ولا يحشم أعراض المسلمين، وكانت بداية الشر ما يسمى تقدير الذات المستورد وغفر الله لنا جميعًا والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه على خلقه وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً ونسأل للجميع العفو والصواب في الفهم.
وأشكرك على سؤالك الجميل الجليل النافع بالبر والجامع بالخير، وبالمقابل هناك طائفة من الرجال تأثروا بما يسمى تقدير الذات، فتقوقعوا على أنفسهم، وأهملوا الزوجات والأبناء، باسم تقدير الذات أو بمفهوم أسعد نفسك بنفسك، فتجده يسافر شرقا وغربا، أو جالس في المقاهي، أو يركض وراء النسوة إما تعدد من غير ضوابط، أو افتتانا من غير زواج، مضيعا للرعية التي كلفه الله رعايتها، قال ﷺ “كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ … والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم“، وقال ﷺ ” ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً، ثم يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة” وقال ﷺ ” كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضَيِّعَ من يقوتُ” وأي ضياع أكبر من إهمال العيال والزوجات أمام عالم الفضاء ووسائل الفواصل التي تفصل بين المرء وبين الأخلاق، ووسائل التواصل الى توصل الإنسان بالشر، قال الله عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [ التحريم: 6]
، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه “علموهم وأدبوهم”، فلما لم يق أهله وفلزات كبده النار، ولم يمتثل بتوجه الله له، كان غاشً لها، فاستحق كما سبق في الحديث، أن يحرم من الجنة. وذلك لتعريضه أبناءه وأهله، بإهماله وانشغاله، النار التي وقودها الناس والحجارة.
وسأجيبه عليك بناموسة كاملة بسبب فهمك العميق حتى يكتب الله لك أجر من استفاد منه فكما قال رسول الله؛ الدال على الخير كفاعله.
اعتني بالعلم النافع وكثرة الدعاء الجامع. والله يرفع قدرك وينفع بك وفيك العباد والبلاد ويرزقك الثبات في الامر والعزيمة في الرشد
وزاد الله لك علمًا نافعًا وجعلك بركة على البلاد والعباد والمجتمع.
لا شك أن الكلمة الصحيحة الطيبة النافعة والأنفع استخدامها وتناولها وتداولها هي تزكية النفس وذلك لسببين:
السبب الأول:
أنها معبرة عن هويتنا وبيئتنا التي يجب أن نعتز بها، فهي الواردة في كلام الله الخالق الخبير فكلمات الله ووصفه أدق وأشمل لأنه الخالق لها والخبير بها، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [ فاطر: 18]، فهي كلمة نسبتها ونسبها متصل بين الخالق الرحمن ونحن عباد الرحمن، فالفخر والاعتزاز والفرح بها هو الأولى كما كانت تفعل ذلك أم المؤمنين زينب بنت حجش رضي الله عنها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه كانت زينب تفتخر على نساء النبيّ ﷺ تقول: ” زوجُكُنَّ أهْلوكُنَّ وزوَّجَنيَ اللَّهُ من فوقِ سبعِ سماواتٍ” رواه البخاري، فالتسمية والتعبير من فوق سبع السموات هو تزكية النفس.
والسبب الثاني:
عظم وعمق دلالة معنى التزكية في اللغة العربية فمعناها باللغة العربية تدور على معنيين جليلين عميقين يتناسب مع مكنونات النفس وما المطلوب منها.
الأول: التطهير، قال الله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)﴾ [الشمس]، فالمطلوب التطهير الحسي، الجسدي، المعنوي، والنفسي للذات في كل مرحلة وهذا من أعظم الطرق لكسب وحصول ونيل محبة الله، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين حسيًا ذاتيًا ومعنويًا ونفسيًا.
والثاني: الزيادة والنماء، ومنه قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)﴾ [التوبة]، ولأجل ذلك سميت الصدقات زكاة، اي زكاة المال، لزيادتها وبركتها والنماء في المال، فلا بد من تزكية النفس بزيادة رفعتها وبركة نفعها ونماء ذكرها.
وأما تقدير الذات تعبير على الذات وقوتها فلا توجد في اللغة العربية ولا في قواميسها وليس من تراثنا الإسلامي العربي؛ فهي من كلمات المستغربة مأخوذة من الغرب وهي دارجة عندهم ودراجة في ثقافتهم وحق أن تنتشر بيننا فهم الأقوى اليوم والقوي يفرض ثقافته لأنه الأقوى فقط يحرص على منتجاته.
وليس في الاصطلاحات مشاحنات إذا كان المستخدم لها واعي ومدرك لها، وهي كلمة مجملة تحمل معنى صحيح وإيحاءات ومدلولات مذلولات فاسدة.
هذه الكلمة (تقدير الذات) قد يكون معناها صحيحا إذا فهمنا أصل كلمة التقدير وجذرها اللغوي فالتقدير يأتي بمعنى:
1- التشريف والتعظيم والقدر بالمنزلة ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [ القدر: 1] ومنه اسم الله القدير ذو القدر.
2- ويأتي بمعنى المحاسبة ومنه قوله ﷺ في رؤية الشعبان “فإن غمّ عليكم فاقدروا شعبان ثلاثين” ومنه اسم الله القدير فهو المقدر لأمور المحاسب لها.
3- ويأتي بمعنى التضيق ومنه قوله تعالى عن يونس عليه السلام:
﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [ الأنبياء: 87]
، ومنه قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [ سبأ: 36]
، وقوله تعالى:
﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [ الطلاق: 7]
4- ويأتي بمعنى الطاقة والقدرة والسعة ومن أسماء الله القادر وأنا عبد القادر ومنه قوله تعالى:
﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [ البقرة: 236]
5- وكذلك يأتي التقدير من القدر والقضاء.
فتقدير الذات إذا كان معناها تشريف الذات ومحاسبتها والتضيق عليها عما يضرها في دنياها وآخرتها وحملها على ما تستطيع مما وسعها وقدرتها والتخطيط لها فصار معناها في النهاية نفس تزكية النفس، فيكون بذلك المدلول والمعنى سليم.
أما المدلول الفاسد لتقدير الذات، وهو تقديس الفردانية، وأن الفرد هو الأهم فقط لذاته وتقديم مصالح الفرد على مصالح الجماعة، وظن الإنسان أنه بتقدير الذات مستقل يفعل كلما يريده بلا حساب باسم تقدير الذات والحرية الوهمية ولا يحتاج لأحد وهذا أكثر ما يضر في عالم المراهقين والمراهقات وكثير من النسوة اللاتي انخدعنّ بذلك وأوهموهنّ أن تقدير الذات تعني الاستقلال من الرجال وسلطتهم والقوامة وأنهن بذواتهن وكينونتهن يصنعنّ مجد عجز عنه الرجال منذ نزول آدام وحواء لإعمار الأرض بطاعة الله وعبادته، ويوَلِّد كما نراه إهمال الزوج والعيال وأقاربها من الرجال وتهميشهم، والسفر بلا محرم باسم تقدير الذات، السهر والسمر باسم تقدير الذات، تشتري لوحدها وتحتفل لوحدها في كوفية باسم تقدير الذات، وغير ذلك، حتى تصل بدون شعور في النهاية الى معاداة السامية قوامة الرجال والنظر إليهم أنهم ظلمة إقسائيون.
طيب وبعدها كل ذلك هل يمكن بتقدير الذات أن تستغني من جنس الرجال؟
فمن الطبيعي تحتاج لولدها وهو رجل وتحتاج للشرطي والقاضي وهم رجال وتحتاج مصلح السيارات والكهرباء وبناء البيوت وعامل النظافة والدكتور وهم رجال وتحتاج من تحبه وتعشقه وهو رجل فتخضع له بالحرام وتتكبر عليه بالحلال.
فتكون لقمة ممتنة سائغة للضباع الذكورية الشهوانية الذين يحبون الفاحشة والخسة والإهانة لهن والبذرة الخبيثة، لذلك شجرة الزقوم هي تقدير الذات المستورد، وليس كل ما يستورد ويستجلب سيء.
ووالله أعرف مَن تمردت على الزوج الطيب المحب لها العطوف عليها وكانت عاقبتها لعبة ومهانة تحت فاجر لا يخاف الله ولا يحشم أعراض المسلمين، وكانت بداية الشر ما يسمى تقدير الذات المستورد وغفر الله لنا جميعًا والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه على خلقه وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً ونسأل للجميع العفو والصواب في الفهم.
وأشكرك على سؤالك الجميل الجليل النافع بالبر والجامع بالخير، وبالمقابل هناك طائفة من الرجال تأثروا بما يسمى تقدير الذات، فتقوقعوا على أنفسهم، وأهملوا الزوجات والأبناء، باسم تقدير الذات أو بمفهوم أسعد نفسك بنفسك، فتجده يسافر شرقا وغربا، أو جالس في المقاهي، أو يركض وراء النسوة إما تعدد من غير ضوابط، أو افتتانا من غير زواج، مضيعا للرعية التي كلفه الله رعايتها، قال ﷺ “كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ … والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم“، وقال ﷺ ” ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً، ثم يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة” وقال ﷺ ” كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضَيِّعَ من يقوتُ” وأي ضياع أكبر من إهمال العيال والزوجات أمام عالم الفضاء ووسائل الفواصل التي تفصل بين المرء وبين الأخلاق، ووسائل التواصل الى توصل الإنسان بالشر، قال الله عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [ التحريم: 6]
، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه “علموهم وأدبوهم”، فلما لم يق أهله وفلزات كبده النار، ولم يمتثل بتوجه الله له، كان غاشً لها، فاستحق كما سبق في الحديث، أن يحرم من الجنة. وذلك لتعريضه أبناءه وأهله، بإهماله وانشغاله، النار التي وقودها الناس والحجارة.
No Comments