69 – غموض الزوج حقيقة أم تهمة نسوية؟► تجارب اجتماعية

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع غيرك لتعم الفائدة

lightBrain

ناموس الاستشارة

في موقف حدث مع الزوج فكيف العمل والتوجيه،
إذا كان تصرف الزوج غامض ويتصف بكبرياء وأنه على حق في كلامه، وكان بتصرفه يغضب الزوجة.
والزوجة التي واجهته بكل برود، ويغضبها حاله وكيف سيكون حسابه عند ربه،
ألا يعقل بالمؤمن الذي يبحث عن الخير ويسعى للجنة أن يتصرف بإحسان ليفوز بالجنة!
حينها، عمَّ الصمت المكان.

أولاً: أشكركم وأُشيد لكم بأمرين رائعين فيكما
الأمر الأول: الحوار، حتى ولو لم ينته بصورة طيبة كما يظهر من استفساركم، ولكنه ضروري وله فوائد لا تعد ولا تحصى إذا فهمنا أهميته وطريقته وأسلوبه وحدوده وهي من أهم القضايا لبناء الفكر وترقية العقل ومد جسور التفاهم والتعايش كما بينته وكتبته في مادة أصول بناء الفكر وترقية العقل.
الأمر الثاني: خاتمة المسك، الصمت، فهو سبيل النجاة، والسكوت حَبْك السلامة وفي وقته المناسب كسب الغنيمة ومكسب الآخرة.

ثانياً: في الاستفسار أربع نقاط، وأشعر بأن هناك نقاط كثيرة تحتاج إلى إيضاح،
وليس من باب الرد، ولا تخطئتكم،
لكن الخطأ في التصور والخلل في المفاهيم يولد غلط بالحياة له آثار سلبية على ذات صاحبه.

– الغموض
– الكبر (الكبرياء)
– الإغضاب (أي التسبب في غضب الزوجة)
– تصرف الزوج على نفسه بما يضره في آخرته.

وأظن أساس كل هذه الأمور هو الغموض، وهو المتسبب والمنتج لبقية الأمور،
فباقي الملاحظات هي فروع من قضية الغموض.
هل الرجال أو الأزواج غامضين؟ أم هي تهمة نسوية على تصرفات الذكورية؟
فكون أن الانسان غامض، فهذا أصل عام، فلا يعلم ما في نفس كل شخص إلا الله، وهذا وحده يكفي بأن كل إنسان غامض بشكل عام.
وبصورة أخص، نعم أغلب الرجال وأكثرهم كذلك، فالغموض صفة طبيعية فطرية،
فكل رجل عقلاني الأصل فيه الغموض،
وبالمقابل، كل رجل عاطفي أو رومانسي الأصل فيه الوضوح والمكاشفة بسبب عواطفه،
وقد يستخدم وضوحه من أجل إخفاء ما يريده وعدم إطلاع أحد عليه من باب التورية،
فقد تظن بأن هذا الرجل العاطفي واضح مثل شمس لك، ولكنك قد لا تعرفين منه شيء في أمور تتعلق به أو بك أو بكما،
مثلاً مثل أمواله وديونه وغير ذلك،
وقد يكون الرجل الغامض منفتح وواضح لمآرب أخرى حسب ما يرمي إليه ويريد، وهذه نقطة مهمة.
بل أكاد أجزم أن الغموض هيبة عند الرجال، وأن الواضح فيهم إما عاطفي أو طيب بزيادة أو ساذج قليل العقل ولا يحبه الرجال،
ولو عمرت الزوجة مع زوجها مائة سنة فلن تزداد سوى الغموض غالبًا؛
فلا يمكن معرفة ما يدور في عقل الزوج ولا يمكن للزوج إحساس ما يلامس فؤاد الزوجة،

ونقطة أخرى أهم: من قال إن كل الغموض خلل وعيب ومشكلة أساسًا؟
فليس الغموض عيبًا بل هو في الخير محمود لقول رسول الله فيمن يظلهم الله ظل عرشه يوم القيامة وذكر منهم: “ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” حديث صحيح،
وكما قال الله تعالى عن الصدقات إشارة للإخفاء والغموض فيها: ﴿ إِن تُبدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ وَإِن تُخفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيرٞ لَّكُمۡۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِير ٢٧١ ﴾ سورة البقرة

والغموض والإخفاء في الشر والمعصية مطلوب ومحمود وواجب للذكور والإناث بسواء،
فإذا كان ستر وإخفاء الآخرين واجب (ومن ستر مسلمًا في الدنيا ستره الله يوم القيامة)، فستر وإخفاء الشخص لنفسه والغموض مع الآخرين عن شره ومعاصيه أوجب،
قال رسول الله: “كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه” حديث صحيح

فالغموض والإخفاء في الخير منه ما هو محمود، وفي الشر كله واجب، مدام بين العبد وبين ربَه،
وكذلك الأمور المباحة في الحياة والأمور الشخصية في دائرة الإنسان مع نفسه لا يكون عيبًا ولا مذمومًا أن يداريها ويحيطها بالغموض،
فالخطأ هو دخول أي أحد في منطقة غموض الآخر، وليس الخطأ في غموض صاحبه،

كما أن البحث من أجل كشف غموض الآخرين هو الذي يهلك ويتعب باحثه بفضوله بلا منفعة تعود عليه غير الضرر لنفسه،
وأول فضولي في ذلك كان إبليس، فقد كان يبحث عن غموض خِلْقة آدم عليه السلام ثم تبعه ذلك التكبر عنه بعد أن عرف سبب خِلْقته وعاند أمر الله بالسجود له.
يعني البحث وراء الغموض هو الذي يولد الكبر عند اكتشاف سبب الغموض، هذا بخصوص الأمر الأول غموض الزوج.

وأما عن الكبر، فالكبرياء هو بطر الحق وغمض الخلق،
يعني رد الحق وتحقير المخلوق،
فكل شخص يرُد الحق الواضح أو يحتقر ويقلل الأخر، فهذا فيه كبرياء وتكبر.
مثال على ذلك، إذا اكتشفت الزوجة سبب غموض زوجها فاحتمال أمرين:
1- أن يكون هذا الغموض لأمر محرم كتعاطي مخدرات أو معاقرة الخمور، فإذا استحقرت الزوج بهذه الذنوب كانت واقعت بالكبر.
2- أو أن يكون الغموض لسبب للزوج حق فيه، سواء مباح عقلاً وقانونًا أو مباح شرعًا، فرد الزوجة ممارسة الزوج حقه هذا هو الكبر.
وكل ما يقال للزوجة يقال للزوج تمامًا وهذا من باب مثال وبالمثل يتضح المقال.

وأما عن إغضاب الآخر سواء للزوجة أو الزوج، فالذي يظهر لي أن الذي يغضب هو الذي يحتاج ترك الغضب، وألا يغضب ولا يُستفز كما قال الله في ختام سورة الروم ﴿ فَٱصبِرۡ إِنَّ وَعدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ وَلَا يَسۡتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ٦٠ ﴾،
والغاضب هو المتضرر في كل الأحوال وعليه ترويض غضبه، وكذلك لا بد من إدراك سبب الغضب، هل سبب الغضب كان في دائرته الخاصة؟ أم أنه بسبب التعدي منه على دائرة الشخص الغاضب؟ وفصل الخطاب وفاصل الحكم هو الله يوم القيامة.

وأما الأمر الرابع في تصرف الشخص على نفسه بما يضره في آخرته بقول (وكيف يكون حال حسابه عند ربه، ألا يعقل بالمؤمن الذي يبحث عن الخير ويسعى للجنة أن يتصرف بإحسان ليفوز بالجنة)،
فأدق جواب عندي لمثل ذلك (ما يخصك) وباللغة الراقية الشرعية “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه“،
فعلينا أن نرحم أنفسنا وليس أن نرحم الآخرين على حساب أنفسنا، ولا أن نبحث ونتساءل عن مأواهم الذي يريدونه لأنفسهم سواء بالجنة أم بجهنم، وليس علينا سوى الإرشاد والنصح مرة واحدة.

👋 مرحباً؛  يسعدنا وجودك👋

اشترك معنا ليصلك كل جديد ومميز

لا نستخدم بريدك للدعايا ولا للإزعاج

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع غيرك لتعم الفائدة

No Comments

Post A Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


نوصيك بقراءة
JTNDaW1nJTIwJTBBc3R5bGUlM0QlMjJkaXNwbGF5JTNBJTIwaW5saW5lLWJsb2NrJTIwJTIxaW1wb3J0YW50JTNCJTIyJTBBY2xhc3MlM0QlMjJ2Y19zaW5nbGVfaW1hZ2UtaW1nJTIwJTIyJTIwc3JjJTNEJTIyaHR0cHMlM0ElMkYlMkZtaWZ0YWhhbGtoYXlyLmNvbSUyRndwLWNvbnRlbnQlMkZ1cGxvYWRzJTJGMjAyMSUyRjA5JTJGbGlnaHRCcmFpbi0xMDB4MTAwLnBuZyUyMiUyMGFsdCUzRCUyMmxpZ2h0QnJhaW4lMjIlMjB0aXRsZSUzRCUyMmxpZ2h0QnJhaW4lMjIlMjB3aWR0aCUzRCUyMjgwJTIyJTIwaGVpZ2h0JTNEJTIyODAlMjIlM0UlMEElMEElM0NoMyUyMCUwQXN0eWxlJTNEJTIyZGlzcGxheSUzQSUyMGlubGluZS1ibG9jayUyMCUyMWltcG9ydGFudCUzQiUyMHRleHQtYWxpZ24lM0ElMjBjZW50ZXIlM0Jmb250LWZhbWlseSUzQUFicmlsJTIwRmF0ZmFjZSUzQmZvbnQtd2VpZ2h0JTNBMjAwJTNCZm9udC1zdHlsZSUzQW5vcm1hbCUyMiUyMGNsYXNzJTNEJTIydmNfY3VzdG9tX2hlYWRpbmclMjIlM0UlRDklODYlRDglQTclRDklODUlRDklODglRDglQjMlMjAlRDglQTclRDklODQlRDglQTclRDglQjMlRDglQUElRDglQjQlRDglQTclRDglQjElRDglQTklM0MlMkZoMyUzRQ==[vc_column width="1/4"][vc_column width="3/4"] - هل الأب والإخوة سألوا عنه جيدا؟ * قال: نعم سألوا عنه،…
0