75 – مَنْ هو الذي يَهجُر ومن يُهجَر؟► تجارب اجتماعية

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع غيرك لتعم الفائدة

lightBrain

ناموس الاستشارة

المستشير: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المستشار: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المستشير: كيف حالكم؟
المستشار: حالنا أبشرك بنعم وافرة من الله
وجمل الله حالك وطيب بالك وشرح فعالك ومقالك.

المستشير: عندي سؤال واستشارة حفظك الله، هل هجر الزوجة له مدة محددة؟
المستشار: أولاً: من هو الذي يَهجُر ومن يُهجَر؟
هل الزوجة هي التي تهجر زوجها أم الزوج هو اللي يهجر زوجته؟
لأن السؤال محتمل ومجمل، والإجمال فيه إهمال والتفصيل فيه تفضيل.
ثانيا: سألتك ذلك وأبشرك من باب فبشرهم بعذاب أليم،
نحن في زمن كثير من الرجال يُهجَرون من قبل زوجاتهم؛ حسب ما رأيت بكثير في الاستشارات وأغلب من يُهجَرون تجمعهم صفة غالبا مشتركة، ههههه
والهجر باب خطير جدًا وينتابه الهوى وتنتابه الظروف النفسية،
فبعض الرجال يَهجر زوجته لأن عنده مشاكل في الرزق أو مشاكل في العمل،
وقد تكون طبيعته أو طبيعة المرأة مؤذية، حقيقة هذه أبواب نفسية تحتاج إلى تقوى ومرونة،
وأحيانا يكون الرجل هو من يحمل المرأة على أن تهجره، وأحيانا يكون العكس فتكون الزوجة هي سبب هجر الرجل لها.
وعلى العموم إن كان المقصد من السؤال بأن الزوجة تهجر زوجها فالهجر موجود بين الناس سواء كان بحق أو بدون حق، ومنه نشوز الزوجة أو تركها للبيت، وهو مما وصِفَ في الكتاب والسنة، والهجر الشرعي هو دواء يؤخذ للعلاج فقط وليس للتعاطي المستمر،
فيؤخذ للتأديب أي هجر الكلام والانبساط تربيةً وتأديباً، أو قد يكون الهجر هجر الوقاية من شر وضرر الآخر، وكل واحد منهما دواء يؤخذ بزمانه ومكانه لينفع، فإن لم ينفع لم يكن من تعاطي الهجر فائدة، ويكون عبثا بعد ذلك.
ويتصور هجر الزوجة لزوجها إذا آذاها في نفسها أو آذاها في كلامه أو آذاها في حقوقها، فلها أن تهجره لعموم قوله ﷺ: “لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ، يَلْتَقِيانِ؛ فَيَصُدُّ هذا، ويَصُدُّ هذا، وخَيْرُهُما الذي يَبْدَأُ بالسَّلامِ” متفق عليه،
وهذا الهجر داخل بين الزوجين وداخل كذلك بين الأخوة والأخوات، فيتصور أن تهجر الزوجة زوجها لسبب شرعي كأذيته لها أو تسلطه عليها فلها أن تهجره، مع التنبيه أنه وإن جاز لها أن تهجره كلامياً، لا يجوز لها أن تمتنع عن فراشه لما يترتب على ذلك من اللعن إذا كان مؤديًا لحقوقها الشرعية، فقد قال رسول الله ﷺ: “إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ” رواه البخاري.
وإن كان الشرع يمنع جمع تناقضات، لذلك قال صلى الله عليه وسلم من باب الذم: “يَعْمِدُ أحَدُكُمْ، فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِن آخِرِ يَومِهِ” صحيح البخاري، فالشرع دائمًا يقبح الجمع بين المتناقضات، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: “ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ، ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ“، والعائل المستكبر هو الفقير المتكبر، فإذا كان هو فقير فيتكبر على ماذا؟ والملك يملك القوة والرقاب والأبدان ثم يكذب لماذا؟
فلا يجتمع مع الملكية الكذب فهذا من القبائح، أما غير ذلك من غير سبب شرعي فلا يجوز للمرأة أن تهجر زوجها، وهذا الصنف الأول.
والعجيب الذي رأيته ولامسته من خلال الاستشارات أن غالب الرجال لا يتحملون هجر الزوجة، وهذه حقيقة، لكن طولت بال الذكور وعاطفة النساء هي سبب عدم نجاح هجر الزوجات، وقد يلجؤون بعض الأزواج للعنف والشدة لفك هذا التمرد والهجر وفرض العقوبات الاقتصادية والحصار المادي وسحب الصلاحيات بدل الحكمة والرحمة لإخماد ووأد نار هجر الزوجة، مما يزيد عنادهنّ أو نشوزهنّ بدرجة تضر نفسها وغيرها.
والصنف الثاني وهو هجر الرجل لزوجته، وكذلك هذا من الدواء وهو مما ورد أيضا في الكتاب أصلاً ونصًا وفي السنة كثيراً، يقول الله عز وجل: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ النساء ٣٤.
وكذلك هجران النبي عليه الصلاة والسلام لزوجاته شهراً كاملاً، وكذلك حديث النبي عليه الصلاة والسلام: “لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ” متفق عليه.
فعلى ذلك فللزوج إن كان هناك سبب شرعي أن يهجر زوجته ثلاثة أيام، وبشرط أن يكون هذا الهجر نافعا لا يضره هو، فلا يجعل الشهوة تحتقن في عورته، ثم لا يلبث إلى أن يتزلف ويتقرب للزوجة وهو خاسئًا حصيرَا، ثم يظن أنه قد نفع هجره شيئا، فله أن يهجرها أسبوع إن لم تنفع الثلاثة أيام، وله أن يهجرها شهرًا إن لم ينفع ذلك لهجر النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته، وهجر ما زاد ثلاثة أيام غالبا يطيقه من كان معدد الزوجات؛ أما غير المعدد فالله يعينه فهو عرضة للضرر أو الوقوع في الفواحش من المحرمات ما يشغله عن حلاله، إلا إن كان ضعيف الرغبة في الزوجة والميل للنسوة أو كان لأثر الصدمة ما في مثل الكلام شديدا عليه أو غير ذلك ما يشغله من المباحات كالتغول والانشغال في العلوم النافعة أو التجارة.
وأعلى الهجر وسقفه الذي لا يتجاوز هو أربعة أشهر وهو ما يسمى [الإيلاء] وهو أن يُقسم الرجل ويحلف على ترك مواطئة زوجته أو تكليمها، فالشرع حدد له عدم مجاوزته لأربعة أشهر لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة ٢٢٧ بمعنى أنه بعد الأربعة أشهر فإما الرجوع والفيء إلى العلاقة الزوجية وإصلاح الأحوال وإما الطلاق كما أشار الله عز وجل، والرجوع إلى العلاقة الزوجية أكمل وأفضل لأن الله سبحانه وتعالى قدمه.
فثبت عن النبي ﷺ هجر زوجاته شهرًا كاملًا كما في القصة المشهورة، ويجوز للرجل الهجر في داخل البيت ويجوز في خارجه حسب طبيعة المرأة وحسب تأثير الهجر على المرأة، فمن النساء من يؤثر فيها هجر الكلام أو هجر الفراش ويؤثر فيها هجر يوم ويومين وأسبوع أو يؤثر فيها الهجر داخل البيت، وكل ذلك التنوع والاختلاف يرجع لتباين قوة نفسية وشخصية الأزواج والزوجات، وقوله عليه الصلاة والسلام: “ولا تَهْجُرْ إلَّا في البَيتِ” أبو دواد، وليس الهجر في البيت هنا للحصر ولكن لطبيعة ذلك الرجل الذي كان يخاطبه الرسول ﷺ، لأن الرسول ﷺ هجر زوجاته خارج البيت في المشربة شهراً، فالهجر يختلف باختلاف النساء وصلابة الرجال وقوة تحملهم.
والحكمة والسر في الهجر، لأن المرأة بطبيعتها اجتماعية وبطبيعتها محل شهوة مطلوبة مرغوبة مخطوبة، وهي مكان يأوي إليه الرجل، فإذا هُجرت أشعرها هذا بالرفض، وأصعب ما يهدم نفسية المرأة أن تكون مرفوضة، وأصعب ما يهدم نفسية الرجل أن يكون فاشلا، فالمرأة إذا شعرت أنها مرفوضة أو أن زوجها لا ينظر إليها أو لا يلتفت أو لا يكلمها، فإنه يشعرها بأنها ليست لها قيمة وليست جميلة وليست جذابة تجذب الرجل، وهذا الشعور جاء في الشرع ولكنه نظّمه بالتقوى بقوله سبحانه وتعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا( النساء ٣٤، أي أنه سبحانه وتعالى مطلع وأن من يتعدى عليهنّ فإن الله عز وجل سيأخذ لهن حقاً، فهو الأعلى والأكبر من الزوج، وهذا الباب يحتاج إلى ديانة ولكن تختلط فيه الغموم الهموم والأحزان والاكتئاب وأشياء كثيرة جدا، وقد تهجر المرأة بأن يموت عنها أبوها أو أخوها ثم لا يتعامل معها الزوج بطريقة صحيحة وإنما يؤذيها فيحصل لها مع الحداد ما يجعل نفسها منقبضة تماما، وحقيقة مسببات الهجر عند الرجال ومسببات الهجر عند النساء كثيرة في الواقع اليوم.
لعلي أطلت في الجواب فسؤالك كان قصيرا جميلًا ولكنني فصلت وأوعيت ما استطعت، نسأل الله أن يصلح الجميع ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يصلحنا لزوجاتنا ويصلح لنا زوجاتنا،
والبسط والاستزادة في كتب الفقه وكتب العلوم الإسلامية في التفاسير وكتب الأحاديث والسنن والآداب الشرعية

👋 مرحباً؛  يسعدنا وجودك👋

اشترك معنا ليصلك كل جديد ومميز

لا نستخدم بريدك للدعايا ولا للإزعاج

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع غيرك لتعم الفائدة

No Comments

Post A Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


نوصيك بقراءة
JTNDaW1nJTIwJTBBc3R5bGUlM0QlMjJkaXNwbGF5JTNBJTIwaW5saW5lLWJsb2NrJTIwJTIxaW1wb3J0YW50JTNCJTIyJTBBY2xhc3MlM0QlMjJ2Y19zaW5nbGVfaW1hZ2UtaW1nJTIwJTIyJTIwc3JjJTNEJTIyaHR0cHMlM0ElMkYlMkZtaWZ0YWhhbGtoYXlyLmNvbSUyRndwLWNvbnRlbnQlMkZ1cGxvYWRzJTJGMjAyMSUyRjA5JTJGbGlnaHRCcmFpbi0xMDB4MTAwLnBuZyUyMiUyMGFsdCUzRCUyMmxpZ2h0QnJhaW4lMjIlMjB0aXRsZSUzRCUyMmxpZ2h0QnJhaW4lMjIlMjB3aWR0aCUzRCUyMjgwJTIyJTIwaGVpZ2h0JTNEJTIyODAlMjIlM0UlMEElMEElM0NoMyUyMCUwQXN0eWxlJTNEJTIyZGlzcGxheSUzQSUyMGlubGluZS1ibG9jayUyMCUyMWltcG9ydGFudCUzQiUyMHRleHQtYWxpZ24lM0ElMjBjZW50ZXIlM0Jmb250LWZhbWlseSUzQUFicmlsJTIwRmF0ZmFjZSUzQmZvbnQtd2VpZ2h0JTNBMjAwJTNCZm9udC1zdHlsZSUzQW5vcm1hbCUyMiUyMGNsYXNzJTNEJTIydmNfY3VzdG9tX2hlYWRpbmclMjIlM0UlRDklODYlRDglQTclRDklODUlRDklODglRDglQjMlMjAlRDglQTclRDklODQlRDglQTclRDglQjMlRDglQUElRDglQjQlRDglQTclRDglQjElRDglQTklM0MlMkZoMyUzRQ==[vc_column width="1/4"][vc_column width="3/4"] وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله أخيتي، أولاً اسأل الله أن…
0